أزمة النيل
أعلنت الحكومة الكينية رسمياً، أنها ستوقع على الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل اليوم الأربعاء 19/5/2010 ، لتنضم بذلك إلى 4 دول سبق أن وقعت الاتفاقية التي تسعى من خلالها لتغيير الترتيبات التاريخية لاقتسام النيل، والحصول على مزيد من المياه للتنمية والزراعة، فيما ترفض مصر والسودان الاتفاقية خشية أن تؤثر على حصتهما من المياه.
يأتي هذا بعد يوم من تحذير وزير الري والموارد المائية المصري محمد نصر الدين علام من إقامة سدود على النيل في دول المنبع، مؤكدا أن بلاده يمكنها أن تمنع إقامة مثل هذه السدود والمشروعات الأخرى.
وفي الوقت الذي يزور فيه الرئيس المصري حسني مبارك تركيا، ذكرت صحيفة كينية عن تلقى إثيوبيا منحة إيطالية بقيمة مليوني دولار لاستكمال مشروعات بناء السدود على نهر النيل.
تحذير مصري
وقال وزير الري والموارد المائية المصري محمد نصر الدين علام أمس الثلاثاء: "إن أي مشروع يقام على مجرى النهر لابد وأن توافق عليه مصر والسودان وفقا لنصوص الاتفاقيات الدولية."
وأكد أن "مصر تراقب وبدقة عن كثب المشروعات الخاصة بتوليد الطاقة في دول المنبع حتى لا يتم استخدام مياه هذه المشروعات في زراعة مساحات من الأراضي قد تؤثر سلبا على حصتنا المائية." بحسب وكالة رويترز.
وقال علام إن مصر ليس لديها اعتراض على إقامة السدود ومشروعات الطاقة الأخرى في دول المنبع ما دامت لا تؤثر على حصتها التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب.
جاء هذا ردا على توقيع كل من تنزانيا وأوغندا ورواندا وإثيوبيا يوم 14 مايو 2010 اتفاقية تقضي بإنشاء مفوضية دائمة لإدارة مياه النيل، وتمنح الاتفاقية المفوضية الجديدة سلطة الاعتراض على مشروعات الطاقة والري في الدول الموقعة.
وأعلنت مصر رفضها الاتفاق مؤكدة معارضتها لأي اتفاق "يمس حصتها من مياه النيل وحقوقها التاريخية" في هذا النهر.
ونهر النيل الذي يمتد على نحو 6700 كلم يتكون من التقاء النيل الأبيض، الذي ينبع من بحيرة فيكتوريا (أوغندا، كينيا، تنزانيا) والنيل الأزرق ومنبعه بحيرة تانا في إثيوبيا.
ويلتقي النهران في الخرطوم ليشكلا نهرا واحدا يعبر مصر من جنوبها الى شمالها ليصب في البحر المتوسط.
وبموجب الاتفاق الحالي بشأن تقاسم مياه النهر الذي أعدته عام 1929 القوة الاستعمارية بريطانيا، والذي تمت مراجعته في العام 1959، فإن حصة مصر قدرها 55,5 مليار متر مكعب من مياه النهر بينما يبلغ نصيب السودان 18,5 مليار متر مكعب.
كما يمنح هذا الاتفاق القاهرة حق الفيتو في ما يتعلق بكل الأعمال أو الإنشاءات التي يمكن أن تؤثر على حصتها من مياه النهر، التي تمثل 90% من احتياجاتها المائية.
وتعترض باقي دول حوض النيل( إثيوبيا وتنزانيا وأوغندا وكينيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ) على هذا التوزيع وانتهى اجتماع تشاوري عقد الشهر الماضي في شرم الشيخ بخلاف معلن بين مصر والسودان من جهة والدول الإفريقية السبع الأخرى من جهة ثانية.
وتخشى القاهرة والخرطوم أن يؤثر هذا الاتفاق الإطاري الجديد على حصتيهما من مياه النيل اذ يتضمن إقامة العديد من مشروعات الري والسدود المائية المولدة للكهرباء في دول المنبع.
ولا يشير النص الجديد إلى أي أرقام، للحجم أو الأمتار المكعبة، للتقاسم المقبل للمياه لكنه "يلغي" اتفاقي 1929 و1959.
وفي يوم توقيع الاتفاقية دشنت إثيوبيا سد بيليس الذي تقول أنه سينتج 460 ميجاوات من الكهرباء. وبعد تدشين السد عبرت وسائل الإعلام المصرية عن القلق بخصوص احتمال ان يقلص المشروع تدفق المياه الى مصر، حيث ينبع 85 في المئة من مياه النيل من إثيوبيا.
كينيا توقع
وبعد يوم من التحذير المصري، أعلنت الحكومة الكينية رسمياً، أنها ستوقع على الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل اليوم الأربعاء 19/5/2010 ، فيما يتوقع انضمام بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية إلى الاتفاقية خلال عام.
واستبقت وزيرة الموارد المائية الكينية تشاريتى نجيلو زيارتها، المقررة يوم 22 مايو الجارى إلى القاهرة، بالإعلان عن أن وثيقة الاتفاقية تم إرسالها من مدينة عنتيبى الأوغندية إلى نيروبى لتوقع الوزيرة عليها اليوم الأربعاء. بحسب موقع "المصري اليوم".
ومن المفترض أن يتم إرسال الاتفاقية بعد ذلك إلى البرلمان للتصديق عليها، ومن ثم رفعها للرئيس كيباكى للموافقة عليها.
وتزور نجيلو القاهرة يوم 22 مايو الجارى، برفقة رئيس الوزراء رايلا أودينجا الذى سيلتقى الرئيس مبارك.
إيطاليا تمول
وحذرت مصر من أن الاتفاقية الجديدة تفتقر للشرعية وتعتزم مطالبة الدول المانحة بتأييد موقفها، لكن دول المنبع تقول أنها تحتاج إلى مزيد من المياه أيضا. وعرقل نقص الكهرباء الاستثمار في إفريقيا رغم وجود مصادر بديلة للطاقة الكهرومائية.
ويقول محللون أن المانحين الدوليين والبنوك قد يترددون في تمويل مشروعات من شأنها الإضرار بحصة مصر والسودان خشية التورط في خلاف إقليمي.
وقال جمال سلطان الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن "معظم المانحين يرون أن الإجماع بين دول حوض النيل وموافقة مصر أساس لتمويل أي مشروع." بحسب رويترز.
وبين أنه : "يمكن لمصر ان تعمل مع هؤلاء المانحين الدوليين."
وقال سلطان "مصر لا تحاول تقويض مشروعات التنمية... لكنها تحاول العمل على تنفيذ مشروعات يمكن أن تخدم مصالح جميع تلك الدول ومصر نفسها."
وفي المقابل، كشفت صحيفة «دايلى نيشن» الكينية عن تلقى إثيوبيا منحة إيطالية بقيمة مليوني دولار، من بنك التنمية الأوروبى والحكومة الإيطالية، لاستكمال مشروعات بناء السدود على نهر النيل التي يصل عددها عشرة سدود تحت الإنشاء على مجرى نهر النيل.
وذكرت الصحيفة أن إثيوبيا تلقت هذا الدعم الإيطالي في نفس التوقيت الذى يزور فيه الرئيس مبارك إيطاليا اليوم الأربعاء لعقد مباحثات ثنائية مع رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكونى، لافتة إلى غضب مصر بعد الإعلان عن سد بيليس تانا.
وقالت إثيوبيا التي لجأت إلى نظام الحصص في توزيع الكهرباء لمدة خمسة اشهر في عام 2009 عندما أدى انقطاع الكهرباء يوما بعد يوم إلى إغلاق المصانع وعرقلة الصادرات ونقص في العملة ان التوصل إلى اتفاقية جديدة سيساعد في دعم مشروعات الطاقة وزيادة الاستثمارات.
تجميد المشروعات الثنائية
يأتي هذا فيما كشف مصدر حكومي رفيع المستوى بملف حوض النيل عن قرار مصري بتجميد أية مشروعات ثنائية مع دول الحوض، وتوقف أي منح أو تمويل مصري لمشروعات التنمية بتلك الدول، مؤكدا أن هذا التوقف يمثل ردا قويا لدول حوض النيل، كي تتوقف عن تصعيدها لمواقف متعنتة ضد مصر. بحسب جريدة الشروق المصرية اليوم.
وقال المصدر ـ الذي فضل عدم الكشف عن هويته ـ إن أغلب المشروعات الفنية التي ساهمت بها مصر في دول الحوض كانت لمساعدة الحكومات في توصيل مياه الشرب النظيفة لشعوبها، وتأهيل الشعوب على استغلال مياه النهر في المشروعات التنموية الصغيرة لاستمرار الحياة.
وأكد المصدر أن أوغندا كثيرا ما عانت من انسداد مجارى المياه وتوقف أنشطة الصيد لآلاف من صغار الصيادين، بسبب انتشار حشائش النهر، "وكانت مصر هي الدولة الوحيدة التي ساعدت أوغندا".
وأشار إلى مساعدات مصر لكينيا وتنزانيا بحفر آبار لمياه الشرب، مؤكدا أن مصر لديها القدرة الفنية على التنمية بدول حوض النيل في حالة الاتفاق معها.
الإثنين مايو 24, 2010 3:45 pm من طرف LEND YOUR DEAF