أجريت في منتصف
القرن التاسع عشر
محاولات لتحسين صورة التعليم الطبي في مصر,بتوظيف
أساتذة جامعة أوروبيين للمدرسة الطبية في القاهرة,كان من بينهم الطبيب
"فيلهلم جريزنجر"والذي وجه إليه خديوي مصر عام1850م الدعوة رسميا للعمل
كمدير لهيئة الصحة ورئيس للجنة الصحة المصرية ,اصطحب جريزنجر معه واحدا من
أبرع تلاميذه وهو الطبيب الألماني حديث التخرج
تيودور بلهارس
Theodor
Bilharz
وكانت
المهمة الأولى الموكلة له هي البحث عن تكوين الدم في الحيوانات
الفقارية...ولكن لم يمض على إقامته في مصر سوى عام واحد حتى أهدى أهلها
اكتشافه الهام وسجل اسمه بحروف من ذهب في كتب التاريخ.
كان عالم
الاثار"جورج إبيرس" قد اعلن في نفس العام الذي وصل فيه كل من جريزنجر
وتلميذه بلهارس إلى مصرعن عثوره على بردية مصرية قديمة في مدينة الأقصر
كتبت قبل أكثر من 1550 عاما قبل الميلاد، وسميت ببردية إبيرس واشتملت هذه
البردية على وصف لطبيب مصري قديم لدودة غريبة الشكل, كما وصف أعراض مرض
غريب ومضاعفاته، وطرق الوقاية منه أيضا.
وفي 28/1/1851، أشار
"بلهارس" إلى أنه قد اكتشف شيئا رائعا
فبقيامه بتشريح عدد من المومياءات
الفرعونية وبعض أجساد المصريين المعاصرين اكتشف وجود دودة من النوع الماص
يبلغ طولها سنتيمتراً واحداً، وقد وجدها في الدم والكبد والمثانة وفي مواضع
أخرى من الجسد،كما أنه تحقق من وجودها في طمي النيل.1
وقدأطلق علي هذه
الدودة اسم
Distanum Heamatobium
وهو نوع من التريماتود
Trematode
.
وأطلق العلماء
اسم
Bilharzia Heamatobium
على المرض الخطير الذي يسببه توغل
تلك الدودة في جسد المصاب، تخليدا لمكتشفها تيودور بلهارس
.
في مارس 1862،
صاحب بلهارس الأمير "هرتسوج أرنست فون كوبورج" في رحلته إلى الحبشة، وأثناء
علاجه لأحد المرضى بالتيفويد، انتقلت إليه العدوى وتوفي بعدها بأسبوع في
القاهرة، وعمره لم يتجاوز 38 عاما.1
قبر تيودور بالقاهرة
..
.
قام ويلهلم
جريزنجر بعد ذلك بوصف باثولوجيا المرض, وحتى ذلك الوقت كان معروفا لدى
العلماء أن بيضة دودة البلهارسيا تفقس لتخرج جنينا يسمى بالميراسيديوم
ويسبح لساعات معدودة في الماء العذب,ولكن ما الذي يحدث بعد ذلك؟ كان هذا
الأمر لا يزال سرا
البويضة
.
حاول "أرثر لوس" حل هذا اللغز بافتراضه أن
الميراسيديوم بعد خروجه من البيضة يقوم باختراق جسم الانسان
مباشرة,وبالتاي
يعمل الانسان نفسه كعائل وسيط.
Miracidium
.
إلا أن هذه الفرضية
لدورة حياة البلهارسيا تم دحضها على يد عالم اخر يدعى "روبرت ليبر" والذي
تم إرساله إلى الصين من قبل اللجنة الاستشارية لصندوق أبحاث أمراض المناطق
الحارة بهدف حل لغز دورة حياة البلهارسيا,إلا إنها كانت زيارة فاشلة...قرر
بعدها روبرت أن يقوم بزيارة اليابان حيث تم حديثا اكتشاف دورة حياة
الشيستوزوما اليابانية واقتنع بأن دورة حياة الشيستوزوما اليابانية تتفق في
جوانب جوهرية مع دورة حياة الديدان المفلطحة الأخرى والتي تدعى
بالتريماتود
Trematodes
فهي تماثلها في أن ميراسيديوم الشيستوزوم
عندما يفقس خارجا من البويضة يغزو أنسجة القواقع لينتج أكياسا بوغية داخل
ما يشبه الكيس.1
وهذه بدورها تنتج الكثير من (السركاريا)ذات الذيل المشقوق
والتي تثقب جلد العمال اليابانيين في الحقول ذات البرك الصغيرة.
وبالفعل فقد أثبت
أن شيستوزوما هيماتوبيوم تتبع نفس السياق من خلال أبحاثه بأن جمع ما يزيد
عن ثلاثة الاف قوقع من قناة عند المرج,وهي قرية صغيرة في الدلتا شمال شرق
القاهرة وسرعان ما وجد يرقات طورالسركاريا ذات الذيل المشقوق التي كان قد
تعلم في اليابان طريقة التعرف عليها,وقد وجدها في نوعين شائعين من
القواقع.1
عاد روبرت إلى لندن وقد حمل معه عدد من الفئران والخازير
والقرود كلها قد نقلت لها تجريبيا العدوى بهذه السركاريا,وعندما تم فحصها
وجد أنها كلها أصبحت تحمل ديدان الشيستوزوم في دورتها البابية.
_________________
الثلاثاء يوليو 27, 2010 5:40 am من طرف a7med_mano