من أسرار اللغة العربية
كرّم الله تعالى اللغة العربية وفضّلها على سائر لغات أهل الأرض،
فهي لغة أهل الجنّة ، وبها انزل القرآن الكريم آخر الكتب السّماوية معجزاً في بلاغته وفصاحته ،
بل تحدّى الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثله في الفصاحة والبيان والبلاغة ،
وقد ظهر في رجال العرب من اشتهر بالخطابة والبيان والإيجاز الّلغوي .
ولو عدنا إلى معاجم اللّغة الّتي تحوي في متونها أسرار بلاغة الّلغة العربية لأدركنا مدى ما وصل إليه أجدادنا العرب في إدراك الفروق الدّقيقة بين المعاني ،
والتّفريق بينها عن طريق المترادفات .
ففي الدّلالة على الرّؤية بالعين استعملوا ألفاظاً متعدّدة قد تبدو متشابهة في معانيها العامة إلاّ أنّها تختلف في مدلولاتها الدّقيقة في التّعبير عن جانب من جوانب الإبصار بالعين ،
ومن هذه الألفاظ:
1-رأى: وتعني النظر بالعين أو بالعقل ،
ومنها المرآة وهي الآلة التي الـمَرْآةُ ، بالفتـح علـى مَفْعَلَةٍ : المَنْظَر الحسَنَ ؛
يقال : امرأَةٌ حَسَنَةُ المَرْآةِ و المَرْآى،
وفلان حسنٌ فـي مَرْآةِ العَين أَي فـي النَّظَرِ ،
يقال: رجل حَسنُ المَرْأَى والمَرْآةِ ، حسن في مَرْآةِ العين ، وهي مَفْعَلة من الرؤية .
2-رمقَ الشّيْءَ رمْقاً : أي لَحَظَهُ لحْظاً خفيفاً ،
أو أطال النّظر إليه ،
رمَقه يَرْمُقه رَمْقاً و رامَقَه :نظر إِلـيه .
و رمقْتُه ببصري و رامَقْتُه أَتْبَعْتَه بصَرك تتعهَّده وتنظر إلـيه وتَرقُبه .
و رمَّقَ تَرْمِيقاً أَدامَ النظر .
3-لحظ الشّيْءَ لحْظاً :نظر إليه بمؤخّر عينه ،
وقيل الّلحظة النظرة من جانب الأذن ، وقال الأزهري الّلحاظ مؤخّر العين ما يلي الصُّدغ ،
ولحظ : لَحظَه يَلْحَظُه لَحْظاً و لَحَظاناً ؛
ولَحَظَ إِليه : نظره بمؤخِرِ عينِه من أَي جانبـيه كان ، يميناً أَو شمالاً ،
وهو أَشدّ التفاتاً من الشزْر ؛ قال :
لَحَظْناهُمُ حتى كأَن عُيونَنا ... بها لَقْوةٌ من شِدَّةِ اللَّحَظانِ
وقيل : اللحْظة النظْرة من جانب الأُذن ؛ ومنه قول الشاعر :
فلمَّا تَلَتْه الخيلُ، وهو مُثابِرٌ ... علـى الرَّكْبِ، يُخْفـي نَظرةً ويُعيدُها
المُلاحَظةُ ؛ الأَزهري :
هو أَن يَنْظُر الرجل بلَحاظ عينه إِلى الشيء شَزْراً ، وهو شِقُّ العين الذي يلـي الصدغ .
ومنها استعير اللفظ للدلالة على العبارة التي يجب أن يوليها القارئ أهمية خاصة بالنظر إليها والتدقيق فيها .
4-رمَّقَ ترميقاً : أطال وأدام النّظر إليه .
5-رنا رنوّاً : أدام النّظر إليه بسكون الطّرف .
6-حدّق تحديقاً إليه : حدّد النّظر إليه ،
والتّحديق شدّة النّظر بالحدقة ، وحدّق النّظر في : نظر بإمعان إلى .
7-حدّج تحديجاً ببصره : يقال : حدّجه ببصره إذا أحدّ النّظر إليه .
وحدَجَه ببصره وحَدَج إليه إذا رماه به . وروي عن ابن مسعود قال :
حدّث القوم ما حدَجوك بأبصارهم (أي ما أحدّوا النّظر إليك) فإذا رأيتهم قد ملّوا فدعهم .
حَدَجَهُ ببصره يَحْدِجُهُ حَدْجاً و حُدُوجاً ،و حَدَّجَهُ : نظر إليه نظراً يرتاب به الآخرُ ويستنكره ؛
وقـيل: هو شدَّة النظر وحِدَّته . يقال : حَدَّجَهُ ببصره إِذا أَحَدَّ النظر إلـيه ؛
وقـيل : حَدَجَه ببصره و حَدَجَ إليه رماه به .
وروي عن ابن مسعود أَنه قال :
حَدِّثِ القومَ ما حَدَجُوك بأَبصارهم أَي ما أَحَدُّوا النظر إليك ؛
يعني ما داموا مقبلين عليك نشيطين لسماع حديثك ، يشتهون حديثك ويرمون بأَبصاره .
8- نظرَ إليه نظَراً : أبصره وتأمّله بعينه ،
والنّظر : البصر والبصيرة ،
و الـمَنْظَرُ و الـمَنْظَرَةُ : ما نظرت إِلـيه فأَعجبك أَو ساءك ،
وفـي التهذيب : الـمَنْظَرَةُ مَنْظَرُ الرجل إِذا نظرت إِلـيه فأَعجبك ، وامرأَة حَسَنَةُ الـمَنْظَرِ و الـمَنْظَرة أَيضا ً
ويقال : إِنه لذو مَنْظَرَةٍ بلا مَخْبَرَةٍ .
و الـمَنْظَرُ : الشيء الذي يعجب الناظر إِذا نظر إِلـيه ويَسُرُّه ،
ومن أخذ النّاظور : وهو الآلة التي ينظر بها إلى الشيء البعيد ، أو(النظّارة) وهي التي يستعان بها في القراءة .
9- لمَحَ لَمْحاً : أبصر بنظرٍ خفيفٍ ، أو اختلس النّظر إليه ،
ولمح الشيء بالبصر : صوّب بصره إليه ،
وقرأ الفرّاء قوله تعالى(كلمحٍ بالبصر) قال : كخطفةٍ بالبصر ،.
10- أبصرَ الشّيْءَ : رآه ونظر إليه بعينه ، وباصرته إذا أشرفت تنظر إليه من بعيد ،
بصر : ابن الأَثـير : فـي أَسماء الله تعالـى البَصِيرُ ، هو الذي يشاهد الأَشياء كلها ظاهرها وخافـيها بغير جارحة ،
و البَصَرُ عبارة فـي حقه عن الصفة التي ينكشف بها كمالُ نعوت المُبْصَراتِ .
الليث : البَصَرُ العَيْنُ إِلاَّ أَنه مذكر ، وقـيل : البَصَرُ حاسة الرؤْية .
وحكاه اللّحياني بَصِرَ به ، بكسر الصاد ، أَي أَبْصَرَهُ . و أَبْصَرْتُ الشيءَ : رأَيته .
و باصَرَه : نظر معه إِلـى شيء أَيُهما يُبْصِرُه قبل صاحبه . و باصَرَه أَيضاً : أَبْصَرَهُ ؛
قال سُكَيْنُ بنُ نَصْرَةَ البَجَلي :
فَبِتُّ عَلـى رَحْلِـي وباتَ مَكانَهُ أُراقبُ رِدْفِـي تارَةً ، وأُباصِرُه .
الجوهري : باصَرْتَه إِذا أَشْرَفتَ تنظر إِليه من بعيد و تَبَاصَرَ القومُ : أَبْصَرَ بعضهم بعضاً .
ابن الأَعرابي : أَبْصَرَ الرجلُ إِذا خرج من الكفر إِلى بصيرة الإِيمان ؛
قال : بصائرها إِسلامها وإِن لم تبصر فـي كفرها .
وقوله تعالى : {وآتـينا ثمودَ الناقةَ مُبْصِرَة} ؛
قال الفرّاء : جعل الفعلَ لها ، ومعنى مُبْصِرَة مضيئة ،
كما قال عزّ من قائل : {والنهارَ مُبْصِراً} ؛ أَي مضيئاً .
وقال أَبو إِسحق : معنى مُبْصِرَة تُبَصِّرُهم أَي تُبَيِّنُ لهم ، ومن قرأَ مُبْصِرَةً فالمعنى بَيِّنَة .
11- عشا عَشْواً : ساء بصره بالّليل والنّهار ، أو أبصر بالنّهار ولم يبصر بالّليل ،
وقـيل : العَشا يكونُ سُوءَ البَصَرِ من غير عَمىً ، ويكونُ الذي لا يُبْصِرُ باللَّـيْلِ ويُبْصِرُ بالنَّهارِ،
وقد عَشا يَعْشُو عَشْواً ، وهو أَدْنَى بَصَرِه ، ومنه قوله تعالـى :
{ومَن يَعْشُ عن ذكْرِ الرَّحمن نُقَـيِّضْ له شيطاناً فهو له قَرينٌ} ،
قال الفراء : معناه من يُعْرضْ عن ذكر الرحمن ،قال :
ومن قرأَ : {ومَنْ يَعْشُ عن ذكر الرحمن} فمعناه مَنْ يَعْمَ عنه ،
وقال القُتيبي : معنى قوله : {ومَنْ يَعْشُ عن ذكر الرحمن} أَي يُظْلِـمْ بَصَرُه ،
وخَبْطَ عَشْواء : أي لـم يَتَعَمَّدْه . وفلانٌ خابطٌ خَبْطَ عَشْواء ،
وأَصْلُه من الناقةِ العَشْواء لأَنها لا تُبْصِر ما أَمامَها فهي تَخْبِطُ بِيَدَيْها ، وذلك أَنها تَرْفَعُ رأْسَها فلا تَتَعَهَّدُ مَواضِعَ أَخْفافِها ؛
قال زهير:
رأَيْتُ المَنايَا خَبْطَ عَشْواءَ، مَنْ تُصِبْ ... تُمِتْهُ، ومَنْ تُـخْطِئْ يُعَمَّرْ فَـيَهْرَمِ
12- غمَزَه بالعين أو الجَفن أو الحاجب : أشار إليه بها ،
وقد فسر الغمز في بعض الأَحاديث بالإِشارة كالرَّمْزِ بالعين والحاجب واليد .
مراجع
أسرار اللغة العربية
عبد اللطيف السعيد
ويكبديا العربية
الإثنين نوفمبر 29, 2010 1:24 pm من طرف Rewayda