لماذا اللغة العربية أجمل اللغات ؟
تبوأت اللغة العربية مقعداً سامياً بين لغات العالم ،
وذلك لما لها من خصائص ومميزات جمالية تفوقت بها على أقرانها من سائر اللغات ،
وسأتناول جانباً بسيطاً لإيضاح تلك المواصفات والمقاييس الجمالية ،
ثم أترك المجال للقارئ الواعي كي يحكم على اللغة العربية
هل تربعت على عرش مملكة الجمال بحق أم بزور وبهتان ؟!
ففي ( التثنية ) هي ليست كاللغات التي تهمل حالة التثنية لتنتقل من المفرد إلى الجمع ،
وهي ثانياً لا تحتاج للدلالة على هذه الحالة إلى أكثر من إضافة حرفين إلى المفرد ليصبح مثنى ( الباب – البابان- البابين )
على حين أنه لا بد في الفرنسية والإنجليزية من ذكر العدد مع ذكر الكلمة وذكر علامة الجمع بعد الكلمة ،
فنقول في الفرنسية : ( Les deux portes ) ،
ونقول في الإنجليزية ( the tow doors ) .
وفي ( إضافة الضمائر ) نكتفي في العربية بإضافة الضمير إلى الكلمة وكأنه جزء منها ،
فنقول : ( كتابه ) و ( منزلهم ) ،
على حين تقول في الفرنسية مثلاً : ( son livre) و ( leur maison ) .
أما في ( إضافة الشيء إلى غيره ) فيكفي في العربية أن نضيف حركة إعرابية ،
أي صوتاً بسيطاً إلى آخر المضاف إليه ،
فنقول : ( كتاب التلميذِ ) و ( مدرسةُ التلاميذِ ) ،
على حين تستعمل في الفرنسية أدوات خاصة لذلك ،
فنقول : ( le livre de leleve) و ( des eleves lecole) .
وفي ( الإسناد ) يكفي في العربية أن تذكر المسند والمسند إليه ،
وتترك لعلاقة الإسناد العقلية والمنطقية أن تصل بينهما بلا رابطة ملفوظة أو مكتوبة ،
فتقول مثلاً : ( أنا سعيدٌ ) ،
على حين أن ذلك لا يتحقق في اللغة الفرنسية واللغة الإنجليزية ،
ولا بد لك فيهما مما يساعد على الربط ،
فتقول : ( je sui heureux ) و ( I am happy ) ،
وتستعمل هاتان اللغتان لذلك طائفة من الأفعال المساعدة مثل
(etre و avoir ) في الفرنسية ،
و( to have و to be ) في الإنجليزية .
ومن حيث ( الفعلُ ) فإنه يمتاز في العربية باستتار الفاعل فيه حينا ، وكونه جزءاً منه حيناً آخر ،
تقول : ( أكتب ، و تكتب ) مقدراً الفاعل المستتر ،
وتقول : ( كتبت ، وكتبا ، وكتبوا ) فتصل الفاعل بالفعل وكأنه حرف من حروفه ،
فلا نحتاج إلى البدء به منفصلاً مقدما على الفعل ،
كما هو الأمر في الفرنسية : (nous ... tu و il و je ) ،
وفي الإنجليزية ( I وَ you وَ they) .
وكذلك عند ( البناء للمجهول ) يكفي في العربية أن تغير حركة بعض حروفه ،
فتقول : ( كُتِبَ ، قُرِئَ ) ،
على حين تقول في الفرنسية مثلاً : ( a ete ecrit) ،
وفي الإنجليزية ( it was read) .
وتختصرالعربية بعض الأفعال فإذا هي حروف ،
كقولك في أمر المخاطب المذكر : ( فِ ) من وَفَى يَفِي ، و( قِ ) من وَقَى يَقِي ،
و( عِ ) من وَعَى يَعِي ، و( شِ ) من وَشَى يَشِي ،
و( إِ ) من وَأَى يَئِي – من الوعد - ، و ( لِ ) من وَلِيَ يَلِي ،
و( دِ ) من وَدَى يَدِي – من الدية - ، و ( رَ ) من رَأَى يَرَى ،
و( نِ ) من وَنَى يَنِي – من الوَنى وهو الفتور - ، وغيرها .
وكل حرف من هذه الحروف هو في الحقيقة جملةٌ تامة ، مكونةٌ من ففعل وفاعل مستتر وجوباً ،
فهل رأيت في غير العربية إيجازا يجعل من الحرف جملة ؟!
وفي العربية ألفاظ يصعب التعبير عن معانيها في لغة أخرى بمثل عددها من الألفاظ كـ( أسماء الأفعال ) و( كاف التشبيه ) و ( حرف الاستقبال ) ،
وإليك مثلا من ذلك في العربية والإنجليزية .
الكلمة في العربية والكلمة في الإنجليزية
هيهات It is too far
شتان There is a great difference
هو قوي كالأسد He is as strong as a lion
سأذهب I shall go
سيذهب He will go
وانظر إلى بعض أساليب اللغة الإنجليزية في النفي ،
كم يكلفنا إدخال الفعل بعد الضمير ،
ثم إدخال أداة النفي بين الفعل المساعد والفعل المنفي ،
فنحن نقول مثلا ( I did not meet him )
على حين نعبر عن كل هذا في العربية بقولنا : ( لم أقابله ) ،
وتقول : ( I will never meet him ) في مقابل : ( لن أقابله ) .
وبعد كل ذلك ألا تستحق لغتنا الحبيبة أن تتربع على عرش ملكة جمال لغات العالم كلها ؟!
مقارنة
ذكر أحدهم أنه أحصى المفردات الموجودة في معجم لسان العرب فلم تتجاوز 84ألف كلمة تقريباً ،
مقارنة باللغة الإنجليزية التي تتجاوز مفرداتها 490ألف كلمة و 300ألف مصطلح
للرد على على ذلك
أولا : تقاس سعة وغزارة اللغة العربية بعدد المواد وليس بعدد الكلمات أو المفردات..
فالمادة على سبيل المثال (ع ل م) : حيث يتفرع منها عِلم "بتسكين اللام" وعَلِمَ "بفتح العين وكسر اللام"
وعلّم "بتشديد اللام" واستعلام ومعلم ومتعلم ومتعالم وتعليم وإعلام ومعلومات وعلامة "بفتح اللام"
وعلامة "بتشديد اللام" ومعالم وعلوم وعالَم "بفتح اللام"
وعالِم "بكسر اللام" وعَلَم "بفتح اللام" أي الراية ومعلوم...
ثانياً : لقد ذكر بعض علماء اللغة العربية أنها تتألف من ما يقارب 400 ألف مادة (وليس كلمة)
المستعمل منها عشرة آلاف والباقي مهجور ،
واللفظ المهمل أو المهجور لا يعني -بالضرورة- أنه غير مفهوم.
يقول الخليل بن أحمد الفراهيدي في كتابه معجم العين :
إن عدد أبنية كلام العرب المستعمل والمهمل يبلغ اثني عشر ألف ألف وثلاثمائة وخمسة آلاف وأربعمائة واثنتي عشرة كلمة أي 12مليوناً و 305آلاف و 412كلمة.
وفي كتاب الفصحى لغة القرآن بقلم أنور الجندي أورد ما قاله الحسن الزبيدي :
إن عدد الألفاظ العربية 6ملايين و 699ألفاً و 400لفظ ( 6699400لفظ)، أي سبعة ملايين كلمة تقريباً.
أما ما تحتويه أشهر معاجم اللغة العربية من مواد لغوية فهي كما يلي :
أ- حوى معجم تاج اللغة وصحاح العربية للجوهري (ت 393ه) أربعين ألف مادة.
ب- حوى معجم لسان العرب لابن منظور (ت 711ه) ما يربو على ثمانين ألف مادة.. (وأكرر "مادة" وليس كلمة ولا مفردة).
ج- حوى معجم القاموس المحيط للفيروز آبادي (ت 817ه) ما يربو على ستين ألف مادة.
د- كما حوى معجم تاج العروس من جواهر القاموس للزبيدي (ت 1205ه) مائة وعشرين ألف مادة..
وهو أضخم معجم عربي.
ثالثاً : إن مقياس أفضلية أي لغة بشرية على أخرى هي دقة البيان ووجازة اللفظ لإيصال المعنى المراد ..
ولا مثل الشجاعة في الحكيم .. فاذا تميزت اللغة بالكثرة والدقة فقد بلغت الكمال وهذا ما ينطبق على العربية ..
أما انتشار لغة قوم بين الأمم فانه يعود الى جهود أبنائها وحرصهم على نشر ثقافتهم واعتزازهم بلغتهم ،
وهذا -مع الأسف- ما لا ينطبق علينا ..
إن العيب يكمن في العرب وليس في العربية ..
رابعاً : في اللغة العربية ألفاظ مولّدة واشتقاقية واصطلاحية وكلمات ذات استخدام مطلق ومقيد ..
إن المصطلحات المجازة قديماً وحديثاً غزيرة جداً مثل جاعل ومرجوح وفي عصرنا مثل العوالمية أو العولمة ..
إضافة الى أن مجمع اللغة العربية يجيز بين الحين والآخر كلمات ومصطلحات واشتقاقات كثيرة تستجد في حياتنا اليومية ،
وجميع تلك الألفاظ ذات أصل عربي سوى النزر اليسير الذي لا حكم له ..
أما المصطلحات الإنجليزية فإن أغلبها مشتق من ألفاظ إغريقية أو لاتينية وبعضها اختصار لجُمل بأخذ الحرف الأول من كل كلمة.
خامساً : العربية الفصحى هي اللغة الوحيدة المنطوقة والمفهومة منذ أكثر من ستة عشر قرناً ..
وها نحن نقرأ المعلقات ونستمتع بجزالة لفظها وغزارة معانيها لأن القرآن الكريم حفظ اللغة العربية وحفظته بعد حفظ الله سبحانه تعالى ،
ولا يوجد في العربية ما يسمى باللغة الكلاسيكية ..
أما لغة شكسبير في القرن السابع عشر الميلادي (أي منذ أربعة قرون فقط) ،
فإنها لا تُفهم إلا من قبل الفئة المتخصصة في الأدب الإنجليزي .
سادساً : إن فضل العربية وجمالها وقوتها وتميزها على جميع اللغات البشرية -دون استثناء- أعظم من أن نحيط به في هذه السطور ..
ويكفي لغة العرب شرفاً أن الله أنزل بها كتابه الكريم وجعل من أبنائها سيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وسلم ..
وفي الختام :
لله در حافظ إبراهيم القائل -بلسان لغتنا-:
رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي
وناديت قومي فاحتسبت حياتي
رموني بعقم في الشباب وليتني
عقمت فلم أجزع لقول عداتي
وسعت كتاب الله لفظاً وغاية
وما ضقت عن آي به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة
وتنسيق أسماء لمخترعات
أنا البحر في أحشائه الدر كامن
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
أرى كل يوم في الجرائد مزلقاً
من القبر يدنيني بغير أناةِ
وأسمع للكُتاب في مصر ضجة
فأعلم أن الصاخبين نعاتي
أيهجرني قومي عفا الله عنهمو
الى لغة لم تتصل برواةِ
سرت لوثة الإفرنج فيها كما سرى
لعاب الأفاعي في مسيل فرات
فجاءت كثوب ضم سبعين رقعة
مشكلة الألوان مختلفات
الى معشر الكُتّاب والجمع حافل
بسطت رجائي بعد بسط شكاتي
فإما حياة تبعث الميت في البلى
وتنبت في تلك الرموس رفاتي
وإما ممات لا قيامة بعده
ممات لعمري لم يقس بممات
الجمعة ديسمبر 31, 2010 12:48 am من طرف Alaa Sultan