حان الوقت لزرع الأمل
ــ باقٍ من الزمن يومان فقط ويتسلم أوباما رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، الآمال معلقة عليه لإحداث تغيير فى علاقة أمريكا بمنطقتنا المنكوبة مثلما وعد.. وبالأمس فقط قررت إسرائيل وقف إطلاق النار على غزة من طرف واحد بعد عدوان وحشى بربرى استهدف مدنيين أكثرهم من الأطفال والنساء للأسبوع الثالث فى إصرار غير مسبوق على الإبادة الجماعية لكل الآمنين فى قطاع غزة، وبعد شهور طويلة من حصار لاإنسانى أدانته شعوب العالم.. ـ كانت القنوات الإخبارية وعلى رأسها قناة الجزيرة لاتزال تعرض مشاهد القتل والدمار التى لم يعد جهازى العصبى بقادر على تحمل المزيد منها، ولم يعد عقلى بقادر على استيعاب مايردده غوغائيون منا وهم يدينون الضحية ويتغافلون عن الجلاد!! هنا كان الوقوف ومحاولة البحث عن تفسير لما يحدث ضرورة شخصية ومهنية معا.. مع د. رفعت لقوشة الذى ألجأ إليه أحياناً عندما يشتد الغبار ويسود الضباب ويستعصى على فهم بعض الأحداث، فأجد عنده دائماً الفهم الأعمق والرؤية الأشمل المفكر السياسى وأستاد الأقتصاد بجامعة الأسكندرية .. ومعه ومعكم أحاول المزيد من الرصد والفهم.. عبر هذا الحوار..
نقطة بدء
دائماً تردد أن الرؤية يجب أن تكون من زاوية أوسع، وليس من نافذة المنور.. الآن.. والمشاهد كلها دامية.. ماذا ترينا هذه الرؤية
- نبحث أولاً عن نقطة بدء، ونقاط البدء تتعدد ولكن دعينا نختار نقطة جرى فيها انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة الأمريكية..
وهل تعتبرها نقطة تحول فى مسار المنطقة العربية
- ليس تماماً، ولكنها نقطة تصلح كبداية واحداثيات الزاوية عندها تعطى رؤية أوسع.. ثم ما جرى بعد انتخابه حول رؤيته أو رؤية المجموعة المحيطة به للمنطقة وكيفية التعامل مع مشاكل العالم ومن بينها مشاكل المنطقة، لو دققنا النظر فيما صدر منه والمجموعة التى حوله ومراكز الدراسات الاستراتيجية التى هى بالضرورة أحد روافد تغذية هذه الرؤية سوف نكتشف أنه كان يذهب ويرغب فى تحديد هندسته السياسية لمنطقة الشرق الأوسط بالحركة من الأطراف للمركز؛ الأطراف هى مشاكله مع إيران ثم مع سوريا ثم مع العراق، فإذا تسنى له حل هذه المشكلات أصبح الطريق مهيأ للتعامل مع المركز وهو المشكلة الفلسطينية..
هل هناك من الشواهد التى تبرهن على استنتاجك بمسار الحركة هذا
- هناك دراسات جرت من حوله، وتصريحات انطلقت من معاونيه لو تأملناها وقرأنا مابين السطور، نكتشف اتجاه الحركة؛ من البدايات وهو يعلن أنه يريد حلا سلميا مع إيران، وأنه يرغب فى حل مشكلته مع سوريا، وأنه لن يسحب قواته كلها من العراق، على عكس سابقه الرئيس بوش تماماً.
ولكن الآن المركز مشتعل بشدة فهل من الحكمة أن يتركه ويتوارى عن الأنظار
(ملحوظة كان توقيت الحوار قبل حفل تنصيب أوباما بيومين) - أوافقك، ولكن دعينا نستكمل رحلتنا بعد نقطة البداية فى اتجاه مؤشر الزاوية.. لأنه يرغب فى السير من الأطراف للمركز، ولأنه يرغب فى تبنى طرق من الدبلوماسية الذكية فهو يبحث عن حلول وسط، ولأن بريطانيا (مابين قوسين، ترغب أيضا فى هذا)، وسوف أفتح القوسين أكثر وأقول: هناك لبس فى الفهم لدى العالم العربى ولدى النخبة السياسية حول حقيقة العلاقة بين أمريكا وبريطانيا، فكثيرون يتصورون أن بريطانيا هى تابع لأمريكا وهذا غير صحيح على الإطلاق، فإن صح التعبير فإن بريطانيا هى العقل المفكر لأمريكا، ليس فقط الآن ولكن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فعندما نعيد قراءة الدور البريطانى كما حدده تشرشل بعد نهاية الحرب العالمية الثانية نكتشف أن أحد هذه الأدوار أن تكون بالقرب من أمريكا، وله تعبير مشهور: لاتتركوا أمريكا وحدها حتى لاتخطئ.. أكثر من هذا كيسنجر نفسه اعترف فى مذكراته وفى أكثر من محاضرة له أنه إبان كان مستشاراً للأمن القومى فى عهد الرئيس نيكسون كان يرسل بتقاريره إلى لندن قبل أن يرسل بها إلى وزارة الخارجية الأمريكية فى واشنطن..
ولكن لماذا تقبل بريطانيا أن تتوارى هكذا خلف أمريكا رغم أنها تستطيع أن تتقدم عليها
- يحدث هذا كثيراً فى السياسة، ففى بعض الأحيان أن يكون التقدم إلى بؤرة الضوء تكلفته باهظة، نعود إلى أوباما.. كانت بريطانيا ترغب وكان أوباما يوافق على توجهات الحركة فى المنطقة من الأطراف إلى المركز وبالتالى باعتماد الدبلوماسية الذكية بحثاً عن حلول وسط تصلح كأساس استراتيجى لاستقرار المنطقة.. فى ضوء هذا جرت اتصالات بريطانية مع حماس وإتصاات أخري مع إيران. إسرائيل كانت على علم بهذه الاتصالات، فعندما يكون هناك مثل هذه الاتصالات لابد أن تعلم بها الإدارة الأمريكية الحالية وبالتالى تعلمها إسرائيل، والدليل خطاب وزير خارجية بريطانيا فى مجلس الأمن، لقد كان خطابا أقل ما يوصف به أنه كان مختلفاً تماما عن الآخرين والبعض كان مندهشاً من اللهجة التى تحدث بها والتى كانت أكثر حدة مع إسرائيل، عودى أيضاً إلى الصحف البريطانية وقد طالب بعضها بوقف تسليح إسرائيل! وأكثر من هذا الذين قادوا المظاهرات فى ميادين لندن منددين بالغزو الإسرائيلى على غزة.. بعضهم من نشطاء حزب العمال الإنجليزى.. إذن شواهد كثيرة تؤكد سياق الحركة ونقطة البداية..
توقيت الصفر!!
بماذا إذن تفسر هذا التحول الحاد فى الموقف البريطانى من إسرائيل
- بريطانيا كانت تدير اتصالات فى إطار تفاهم مع أوباما لبناء هندسة سياسات إعادة ترتيب المنطقة وفجأة اعترضت طريقها الدبابة الإسرائيلية هذه هى القضية، كما ذكرت اتصالات مع إيران ومع حماس ومع سوريا، هذه الاتصالات كلها تتضافر فى اتجاه اتفاق بريطانى أمريكى على كيفية التعامل مع مشاكل هذه المنطقة، هذه الاتصالات كلها كانت تعلم بها تركيا فهى طرف إقليمى فى هذه الاتصالات إذن كل شئ كان يسير على الأرض وإسرائيل كانت تعلم بها وتعلم أيضاً أنها لم تكن فى صالحها على الإطلاق، ولذلك فقد قامت إسرائيل بعمليتها العسكرية ضد حماس لتقطع الطريق على هذه السياسات لأنها وفق حساباتها تضرها استراتيجيا، فقررت أن تتصرف فى توقيت أصبح بالنسبة لها هو توقيت الصفر لأنه بعد أيام قليلة سيأتى 20 يناير موعد قدوم الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة أوباما ولن تستطيع الحركة المضادة، إذ سيتم تفعيل هذه السياسات وينتهى الأمر وبالتالى فقد قررت أن تتحرك حتى موعد وصوله..
ولكن أوباما ظهر فى صورة اللامبال بما يحدث ويشغل العالم
- لأنه حتى هذه اللحظة ليس من حقه فعل شئ فهوليس الرئيس الفعلى للولايات المتحدة
إذن أنت تؤيد صمته
- أتفهمه لأنه عندما يتحدث كرئيس منتخب يصبح وكأن لدى الولايات المتحدة رئيسان، إن تصرفه هذا أشبه باحترام بروتوكول إجرائى
ماشى.. دعنا نلقى بعض الضوء على وزيرة خارجية إسرائيل!! - ليفنى
إنها الأخطر على الإطلاق.. فى كل الأحوال قررت إسرائيل أن تقطع طريق المفاوضات، وبالمناسبة لم يكن السبب بالطبع إطلاق حماس صاروخين أو ثلاثة.. فهى مجرد تلكيكة.. معنى هذا أن توقيت قرار بدء العمليات العسكرية فى غزة لم يكن إطلاق الصواريخ من قبل حماس، كان يسبقها.. هذا التوقيت فى رأيى هو علمها بهذه الاتصالات وقد كان متزامناً على ما أعتقد مع إعلان فوز أوباما على هيلارى كلينتون وحصوله على رخصة الترشيح عن الحزب الديموقراطى، عندها شعرت إسرائيل أن الأمور فى الغالب ستسير فى غير مصلحتها، أما نحن فى العالم العربى فقد شغلنا من أوباما أنه أسود وله جذور مسلمة، وأنه ظاهرة جديدة وكل هذه الأشياء التى تماثل اهتمام الشخص الذى يذهب إلى السينما فينشغل بأفيش الفيلم ولايشاهد الفيلم..
لسه.. الفيلم لم يعرض بعد!! - لا.. اتعرض من بدرى.. والآخرون شاهدوا الفيلم جيداً وخرجوا بالتحليلات والتوقعات.. بينما نحن لازلنا نتأمل الأفيش.
الآخرون
مثل من.. إيران مثلاً
- إسرائيل أولاً.. وربما إيران بعدها، كانت واعية تماماً كيف جاء أوباما، وما هى القوى التى دعمته، وكانت واعية بالدراسات التى خرجت من مراكز الأبحاث الاستراتيجية من حوله، وكانت واعية أيضاً أنه هو كأوباما وحده ليس فاعلاً ولكن معه آخرين ينبغى الانتباه إليهم، وكيف يفكر هو ومن حوله، ثم قبل كل هذا وبعده وأثناءه، كانت واعية للدور البريطانى، وواعية لما هو أخطر من ذلك.. أن المشروع الصهيونى قد انتهى!!.. وأن أوباما يعلم هذا ومراكز الدراسات من حوله تكتب فى هذا.
كيف انتهى المشروع الصهيونى والشواهد تقول إنه فى أوجه
- نعلم أن المشروع الإسرائيلى قد بدأ بأن حدود إسرائيل توراتية من النيل للفرات، لكن الأمر وصل إلى بداية ترتيب حدود دولة إسرائيل من خلال إقامة السور العالى، إذن تم الاعتراف بأن لها حدودا بصرف النظر نقبل نحن بها أو لانقبل.. المهم أنهم اعترفوا هم بها وأن هذه حدود دولتهم إذن منذ أن بنى شارون سوره العازل أصبح هناك دليل على أن المشروع الصهيونى قد وصل إلى منتهاه.. الشئ الثانى أن القوة العسكرية وصلت إلى حدودها السياسية ولا تستطيع أن تتجاوزها..
قوة قتل!!
بمعنى
- الآلة العسكرية الإسرائيلية كانت فيما مضى قوة حرب لأن حدودها السياسية كانت لاتزال مفتوحة، وكانت عندما تنتصر فإن هذا إنما يعنى أنها تستطيع أن تتوغل وتتجاوز نقطة البداية التى تقف عندها.. فى 2006 فى لبنان كان بمقدورها أن تقتل كما تشاء ولكنها لم تحقق انتصاراً على الأرض، وكذلك فى حرب غزة.. وهذا ما حدث أيضا فى فيتنام: فقدت الولايات المتحدة الأمريكية الهدف السياسى من الحرب فتحولت إلى قوة قتل، وبالتالى أصبح العالم كله ضدها.. عودة على بدء.. إسرائيل كانت تعلم وتعلم أن مجموعة أوباما تعلم وهناك مراكز قرارفى الغرب الأمريكى والأوروبى يعلمون أن المشروع الصهيونى قد وصل إلى منتهاه وأن قوتها العسكرية قد بلغت الحد الأقصى لإمكانياتها السياسية.. وبالتالى كان عليها أن تفعل شيئاً لإنقاذ ما يمكن انقاذه، أو على الأقل لتقول أنا هنا..!! وكان لابد أن تفعل ذلك قبل أن يأتى أوباما..
ولكن للأسف هذا الفعل كان ضحيته أطفال غزة الأبرياء! - عندما تتحول دولة إلى قوة قتل لايهمها عدد القتلى.
ولايعنيها أيضاً كل هذه المظاهرات التى اجتاحت شوارع العالم منددة بها فى إجماع غير مسبوق ضدها
- هى تعتبر أن مظاهرات الرأى العام العالمى ضدها مجرد تكلفة تضطر لدفعها للحصول على مكسب استراتيجى.
نظام إقليمى جديد
وما هو هذا الهدف الاستراتيجى خاصة أننا قد قلنا من قبل أنه لم يعد لديها هدف سياسى أو أن حدودها السياسية قد وصلت إلى منتهاها
- هذا يعود بنا لما يجرى الإعداد له فى المنطقة الآن، نظام إقليمى جديد ناتج عن نظام عالمى جديد، هذا النظام الإقليمى الجديد يتصارع على زعامته قوى ثلاث: إسرائيل، إيران، تركيا
والعالم العربى.. هل هو خارج الملعب
- عندما نقول إن العالم العربى قد انتهى فإن هذا صحيح انفعالياً وهذا لأنه لأول مرة يتشكل نظام إقليمى جديد ولايكون العالم العربى جزءاً منه.. نعود لمثلث القوى المتصارع على قيادة المنطقة.. أقول إن تركيا كانت شريكة الاتصالات البريطانية، ولذلك فهى على علم بها جميعا مع حماس ومع إيران ومع سوريا وبالتالى كانت هى الطرف الإقليمى الذى يرعى كل هذه المفاوضات وهى فى نفس الوقت كانت ترعى الاتصالات السورية الإسرائيلية وفى نفس الوقت كان لديها أى تركيا موقف معقد من إسرائيل له أسبابه.
هل هى أسباب دينية عرقية
- أبداً.. حسابات الدول تتجاوز كل هذا، وفى هذا الوقت بالذات توارت كل هذه الاعتبارات تماما.. ولكن تركيا كانت قد بدأت ترصد تحركات الأكراد شمال العراق، والأكراد الآن لديهم اتصالات مع إسرائيل ولذلك هى اتخذت قرارها الاستراتيجى وقررت أن تلعب الآن مع إيران إسرائيل وهو لعب بطريقة 2 إلى 1 بلغة كرة القدم..
الرهان التركى!!
موقف سوريا ماذا عنه
- سوريا كانت على علم بهذه الاتصالات جميعا
موقفها من مصر ألا تراه غريبا وشائكا نوعا ما
بدون شك والعلاقات تسوء. - فسوريا عبر تاريخها كله إلا فى فترة محدودة فى زمن فات كانت تراهن على النظام العربى وعلى القومية العربية، إلى أن بدأ تصدع العالم العربى ومنذ وقت قريب بدأت تتحدث عن نفسها تحت مظلات إقليمية، أحد خطوط هذه المظلة امتدت إلى إيران وآخر امتد إلى تركيا، فأصبح الرهان الأكيد لسوريا فى اتجاه بعيد عن القرار العربى فلم يعد يهمها العرب وبالتالى لم يعد تهمها مصر.. ووفقاً لحساباتها - أى سوريا - الرهان التركى يؤمن لها ما يلى: التحالف المضاد ضد حركة الأكراد فى العراق، وذلك لايتأتى سوى بالتنسيق مع تركيا و إعادة المفاوضات بينها وبين إسرائيل بشروط سورية للحصول على الجولان فهذا لن يحدث إلا بوساطة تركيا.
طيب.. لماذا الهجوم على مصر
- بسقوط الرهان على النظام العربى يسقط الرهان على مصر، أيضاً ما يحدث فى لبنان من خيارات مصر مع لبنان تتقاطع مع خيارات سوريا وقد تم إعلان ذلك فى مؤتمر دمشق من خفض للتمثيل الدبلوماسى فى لبنان.. السبب الثالث يتعلق بقصة الشراكة فى الحكم التى مررتها ليفنى عندما سبقت زيارتها لمصر مباشرة إعلان الحرب على غزة.
وماذا يعنى هذا لسوريا
- إن شراكة الحكم كما ترغب فيها إسرائيل سوف تكون نموذجاً تسعى إليه فى لبنان، وإذا وصلت إسرائيل لهذه الشراكة فى القاهرة فلابد أن تصل إليها فى بيروت.. وقد استشعرت سوريا ذلك بشكل ما.
المربع المغلق!
نعود إلى الموقف المصرى
- تصريح ليفنى وضعه فى المربع المغلق والذى لايستطيع فيه أن يتحرك، وهذا نفس ما حدث مع الرئيس السادات عندما التقى مع مناحم بيجن وفى اليوم التالى تم قصف المفاعل النووى العراقى واصبح الرئيس السادات فى وضع حرج للغاية وخرجت المظاهرات فى كل البلدان العربية تندد بمصر، تماماً مثلما يحدث اليوم وكان عليه أن يدافع عن نفسه فيما لايعلم..
المبادرة المصرية.. هل هى من قبيل حلاوة الروح كما يقولون لاسيما وقد تلاعبت بها إسرائيل أيضاً
- قاعدة إسرائيل فى هذه المبادرة هى نفس قاعدتها فى المبادرة العربية أنها تقبل بها للمناقشة. أعيدك إلى خطاب بيجن فى الكنيست الذى ألقاه عقب خطاب الرئيس السادات الشهير هناك وقد كان محدداً وكانت جمله كلها تدور فى إطار كل شئ قابل للنقاش، فلنجلس، فلنتشاور.. إلخ
لماذا لم توافق عليها
- لأن لديها خطاً موازياً آخر وهو اتفاقها مع كونداليزا رايس حول مذكرة تفاهم تضع الأمن القومى المصرى فى اختبار.
بذكر كونداليزارايس كيف ترى امتناعها عن التصويت على قرار مجلس الأمن رغم إعلانها عن تفهمها للقرار
- لأنه كان مقرراً أن يكون القرار غير ملزم وصياغته تؤكد هذا، أما إذا صوتت عليه أمريكا بالموافقة فهذا يلزمها بالضغط على إسرائيل بتنفيذه وهذا ما لا تريده.
أشعر بأن ما حدث أشبه بلعبة «حلق حوش» التى يلعبها الأطفال فى شوارع مصر وحواريها. - هذا شعور صحيح سببه أننا نتلقى معلومات من على السطح ونحاول وصف ما يحدث فى أعماق البحر ونحن واقفون على الشاطئ، أما إذا قررنا الغوص فى الأعماق فسوف نرى ساعتها مسارات الكرة وهى تتحرك وندرك أنها تسير وفق قواعد معروفة ومتفق عليها مسبقاً وربما ساعتها نفهم هذه القواعد ونستطيع التدخل لمنع أووصول الكرة فى مربع يخدم أهدافنا، أما الوقوف على الشاطئ فلن نجنى منه إلا هذا الشعور بالتوهان وعدم الفهم.. فالنزول إلى الأعماق يجعلنا ندرك أن كونداليزا رايس وهى تمتنع عن التصويت فى مجلس الأمن كانت تحمل فى حقيبتها مشروع تفاهم ستوقعه مع ليفنى.
ماذا تقول بنود هذا المشروع
- الأمر يتعلق بسبل محاصرة خط سير السلاح إلى حماس، (تحقق هذا التوقع بعد أيام قليلة من هذا الحوار) فالولايات المتحدة الأمريكية وحلف الأطلنطى لهما تعهدات بالحركة فى هذا الاتجاه تبدأ من النقط البعيدة عند مدخل باب المندب حتى مدخل قناة السويس.
وماذا عن المراقبين الأوروبيين الذين رفضنا فى مصر وجودهم على حدودنا مع غزة بشكل قاطع وشديد اللهجة. - الرئيس مبارك محق تماماً، لأنه فى مثل هذه الأمور لابد من الوقوف بصلابة فوجود مراقبين دوليين يعنى ابتداءً أن هناك حالة حرب بين مصر وغزة لأنه لايوجد منطق يبرر وجود مثل هؤلاء المراقبين على الحدود بين دولتين شقيقتين أوحتى صديقتين.. الشئ الآخر الذى يعنيه هذا الوضع أن هناك رغبة أمريكية إسرائيلية فى فتح موضوع الأنفاق إذن هناك ترتيب نوايا إسرائيلية تجاه القاهرة.. ويصبح من السهل جداً أن يأتى مراقب من هؤلاء ليقول أن هذه الأنفاق يعبر منها كيت وكيت.. ولذلك كان الرئيس محقاً تماما فى موقفه الحاسم من وجود المراقبين.
هل نتوقع تداعيات لهذا التصرف
- بالنسبة لإسرائيل كلمة «لا» لاتريد أن تسمعها من مصر أبداً وهنا علينا أن نتذكر كلمة لشارون قالها عام 1982، وهى كلمة هامة للغاية، قال إن اتفاقية كامب ديفيد لن تعيش أكثر من عشرين عاماً.. وهنا نسأل كيف تنتهى الاتفاقية
هناك طريقان إما بحرب أو باتفاقية أخرى.. هذه الاتفاقية أهم ما فيها هو شراكة الحكم.. هذه هى القصة، كان يراها شارون بوضوح، وكانت له أيضاً جملة أهم عندما قال: إن ما حدث فى الجزائر يمكن أن يحدث فى مصر، فماذا كان يحدث فى الجزائر ويمكن أن يحدث فى مصر
فى الأسبوع القادم إجابة للسؤال.. وأسئلة أخرى كثيرة.. فإلى ذلك الحين.
الثلاثاء فبراير 17, 2009 8:17 pm من طرف Mr.Emad