بسم اللة الرحمن الرحيم
السبت فبراير 7 2/ /2009
غزة – - الشموع ومصابيح الإنارة التقليدية وأفران الطين و"بابور الكاز" والطهي على أغصان الشجر بعد نفاد غاز الطهي واستخدام أحجار البطاريات والمولدات الكهربائية والرجوع إلى العصور القديمة حتى في استخدام الطب الشعبي لبعض الأمراض.... مظاهر وأدوات أصبحت راسخة في حياة المواطنين الغزيين في ظل الحصار الخانق المفروض عليهم منذ نحو عامين.
قسوة الحصار اعتبرها العديد من المواطنين أشد وطأة على ظروف حياتهم المعيشية من الحرب المدمرة التي عاشوها على مدار (23) يوما رغم الخسائر البشرية و المادية التي تكبدوها جراء آلة الحرب الإسرائيلية التي ارتكبت مجازر دامية بحقهم بحكم أن "الحصار طال كل مواطن و مجال و قطاع وعلى مدار الساعة" حسب تعبيرهم.
ولم يقض الحصار الإسرائيلي على فرص العمل للمواطنين الذين يعانون أصلا بطالة متفشية واقتصاد منهار فحسب بل قضى على أرواح العشرات من المواطنين المرضى الذين لم يتمكنوا من التوجه إلى المستشفيات الخارجية لتلقي العلاج اللازم في ظل ضعف إمكانات المستشفيات المحلية التي تئن أيضا تحت وطأة الحصار .
ضابط الإسعاف في الخدمات الطبية العسكرية رياض أبو عطايا خمسون عاما والمصاب بالسرطان توفي نتيجة رفض الاحتلال الإسرائيلي السماح له بمغادرة القطاع وتلقي العلاج في مستشفيات الخارج و بعده بساعات قليلة انضم إلى ركب شهداء الحصار المواطن صالح كامل أبو شنب 52 عاما من مدينة غزة ، والمصاب بسرطان البنكرياس، نتيجة منعه هو الآخر من العلاج في الخارج.
وارتفع عدد شهداء الحصار إلى 272 ضحية جلهم من النساء والأطفال والشيوخ، فيما يزال الباب مشرعا لزيادة عدد الضحايا رغم أن عددا منهم تمكن من الخروج لتلقي العلاج مع وفود الجرحى التي غادرت القطاع.
قطاع صحي "مريض"!
الدكتور باسم نعيم وزير الصحة في حكومة غزة استعرض أمام وفود عربية و أجنبية قدمت بعد الحرب لتفقد أوضاع المواطنين الصحية خطورة تلك الأوضاع جراء نفاذ غالبية الرصيد الدوائي من مخازن الوزارة و انقطاع التيار الكهربائي ونفاد غاز الطهي إلى جانب تعطل العديد من الأجهزة والمعدات الطبية وعدم وجود قطع غيار لها بسب رفض الاحتلال إدخالها إلى القطاع.
أما جمال الخضري النائب في المجلس التشريعي رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، فربط بين عملية إعادة إعمار ما دمره الاحتلال في قطاع غزة وبين فتح المعابر التجارية وإنهاء الحصار بشكل كامل مؤكدا أن "الإعمار لن يتحقق بدون رفع الحصار و فتح المعابر".
وقال الخضري:" الحصار يمثل عقاباً جماعياً وانتهاكاً خطيراً لكل مضامين حقوق الإنسان كونه تسبب بآثار كارثية مدمرة على مختلف القطاعات وتسبب بمعاناة جماعية لمختلف الشرائح" موضحا أن الحصار تسبب في تدمير الاقتصاد الفلسطيني في مختلف المجالات الزراعية والصناعية والتجارية وغيرها، وبإيجاد معدلات غير مسبوقة للفقر والبطالة، إلى جانب تسببه في كوارث صحية وإنسانية وبيئية خطيرة.
ذر الرماد في العيون..!
ومنذ بدء انتفاضة الأقصى في نهاية شهر أيلول من العام2000 فرضت
سلطات الاحتلال حصارها المشدد على قطاع غزة، وعزلته بالكامل عن محيطة الخارجي، ولا تزال تمنع للشهر الثاني على التوالي وصول إمدادات الوقود وإرساليات الغذاء والدواء الأمر الذي وضع نحو 1,5 مليون مواطن فلسطيني داخل سجن جماعي.
وبين الحين و الآخر تلجأ إسرائيل إلى فتح معابرها التجارية مع قطاع غزة لساعات محدودة و لإدخال كميات و نوعيات محددة من المواد الغذائية لدرجة أنها في كثير من الأحيان و حسب المؤسسات الحقوقية أدخلت الكميات الأكبر من الأعلاف بدلا من المواد الطبية و الغذائية الأساسية.
ويؤكد الخضري أن فتح إسرائيل للمعابر خلال مدة قصيرة جدا نوع من "الخداع و التضليل الإعلامي للرأي العام العالمي " وحتى تحاول الظهور بأنها حريصة على حياة المواطنين.
و خلف الحصار المفروض على غزة آثاراً كارثية على الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في القطاع و ظهرت تلك الآثار الحصار بشكل أوضح خلال الحرب على عمل المستشفيات والطواقم الطبية، سواءً بعدم وصول إرساليات الأدوية والنقص الحاد فيها أو انقطاع التيار الكهربائي المتواصل والنقص الحاد في غاز الطهي والذي أعاد القطاع إلى عشرات السنين إلى الوراء.
لائحة معاناة بلا حدود
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان رصد في تقريره الأسبوعي آثار الحصار المفروض على القطاع منذ نحو العامين ولخصها في:
v حرمان نحو 1.5 مليون فلسطيني من حقوقهم الأساسية، بما فيها حرية الحركة، والحق في ظروف معيشية ملائمة، والحق في العمل، والحق في الصحة، والحق في التعليم.
v توقفت محطة إنتاج الكهرباء في غزة عدة مرات عن العمل كلياً بسبب نفاذ مخزون الوقود الصناعي الذي يورد إليها عبر معبر ناحال عوز مما ضاعف أشكال المعاناة.
v غير الحصار أولويات المواطنين و أجندتهم اليومية بحيث بات الهم الأساسي لهم الحصول على الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية من الغذاء والدواء، والحصول على المياه، بما في ذلك مياه الشرب والمياه المخصصة للاستخدام المنزلي، وذلك لانقطاع الكهرباء.
v يعاني معظم سكان غزة ، وخاصة الذين يقطنون في الأبنية متعددة الطبقات، مشاكل حقيقية وكبيرة في الحصول على المياه المستخدمة للأغراض المنزلية، بما فيها مياه الشرب، بسبب الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي.
v تأثر مئات الآلاف من السكان المدنيين بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، ولفترات تتراوح بين 8 ساعات إلى 12 ساعة يومياً حيث عانى أكثر من نصف مليون طالب وطالبة من كافة مراحل التعليم الدراسي، بما في ذلك التعليم العالي، فيما تأثر عمل كافة المرافق الخدماتية الحكومية، الخاصة والأهلية، وعجزت عن تقديم تلك الخدمات في حدها الأدنى.
v اضطرت وكالة هيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين( الأونروا) عدة مرات إلى وقف برنامج مساعداتها الغذائية، وإغلاق مراكز التوزيع التابعة لها، والتي توزع إعانات غذائية على أكثر من (800) ألف لاجئ يعتمدون على تلك الإعانات بشكل أساسي.
v خلف الوضع المأساوي أضراراً خطيرة على مستويات الصحة للسكان، بما فيها الحصول على السعرات الغذائية اللازمة ومياه الشرب كما تفاقمت معاناتهم للحصول على الدقيق والخبز، حيث يضطر الآلاف منهم إلى الاصطفاف في طوابير ولعدة ساعات أمام المخابز للتزود بكميات مقننة من الخبز.
v تأثر عمل مخابز القطاع بشكل سلبي، ونظراً لانقطاع الكهرباء ونفاذ غاز الطهي المخصص لتشغيلها، ومحدودية كميات القمح والدقيق المتوفرة في القطاع.
v لا يزال معبر رفح مغلق بشكل كامل أمام حركة السكان المدنيين، ويتم فتحه بين فترة وأخرى للوفود المغادرة من غزة أو للجرحى مما حرم مئات الطلبة من استكمال دراستهم في الخارج، فيما حرم العشرات من فرص عمل كانت قد توفرت لهم .
vاستمرار إغلاق معبر بيت حانون (إيريز) في وجه سكان القطاع الراغبين بالتوجه إلى الضفة الغربية أو إسرائيل للعلاج أو التجارة أو للزيارات الدينية أو العائلية بشكل تام .
v تفاقمت الأوضاع الصحية للمرضى في القطاع، وازداد تدهور الحالة الدوائية في القطاع، حيث لا تزال المرافق الصحية تعاني نقصاً لأكثر من 94 صنفاً من الأدوية والمستلزمات الطبية فيما يعاني مئات المرضى من تدهور أوضاعهم الصحية بسبب نقص الدواء.
v تفاقم معاناة الأقسام المختلفة لحضانات الأطفال في كافة مستشفيات القطاع مما شكل تهديدا مباشرا لحياة الأطفال.
v تقلص إمدادات الوقود الواردة إلى القطاع ،إلى مستويات خطيرة باتت لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات القطاع.
v استمرار تدهور الوضع المعيشي للسكان المدنيين، وتفاقم حدة الفقر والعوز والبطالة فيه مع توقف شبه تام لكافة قطاعات الاقتصاد، بسبب إغلاق كافة المعابر التجارية ومنع توريد كافة المواد الأولية اللازمة لتشغيل تلك القطاعات.
v استمرار حرمان أهالي نحو 900 معتقل من أبناء القطاع في السجون الإسرائيلية من زيارة ذويهم، منذ أكثر من نحو 18 شهراً.
وتستمر المعاناة ما بقي الحصار قائما و ما بقيت سياسات الاحتلال العدوانية تتجسد على أرض الواقع ك"عقال منفلت" لأنها تدرك جيدا أنها "دولة فوق القانون و لا تخضع لقوانين المحاسبة و الرقابة البشرية و المجتمعية " بعد أن منحها المجتمع الدولي و الصمت العربي صكوك الغفران التي لا يبطل مفعولها سوى إرادة و عزيمة المواطن الفلسطيني و إصراره على التمسك بحقوقه مهما غلا الثمن و علت التضحيات.
~~~elking_max~~~
السبت مارس 21, 2009 10:38 pm من طرف Mr.Emad