الصحبة لا تشترى بمالالصحبة الصالحة لا تشترى بمال أو تورث عن أب فالمحبة سر ينقدح في قلوب المؤمنين إذا شاء الله أن ينقدح .
الصحبة روح يبعثها الله في الأفئدة إذا أراد لها أن تأتلف وتقترب
قال الله تعالى : { لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } فالصحبة إذن نعمة قدسية تشرق بها القلوب التي رضي الله عنها مقلب القلوب
وهي منحة من الرحمن يغدقها على المؤمنين من عباده الذين علم منهم صدق إيمانهم
إنها امتزاج روح بروح وتصافح قلب مع قلب .
إنها الشراب الطهور الذي يسقيه الله لعباده المؤمنين
فإذا المحبة تنبض في عروقهم وتسري مع دمائهم ، وتتألق في وجوههم فيمسك الصاحب بيد صاحبه في رفق وإشفاق وحنو ويأخذ بهذه اليد الحبيبة إلى قلبه ليسير بصاحبه في ظلال المحبة .
الصحبة : هي روح الإيمان الحي ، ولباب المشاعر الرقيقة التي يكنها المسلم لأصحابه
حتى إنه ليحيا بهم ويحيا لهم فكأنهم أغصان انبثقت من لوحة واحدة أو روح واحدة حلت في أجسام متعددة .
الصحبة : عجيبة من عجائب الروح لا يدركها إلا رب الروح
يقول عليه الصلاة والسلام "الأرواح جنود مجندة ، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف" .الصاحب مرآة أخيهإن الصحبة مرآة يرى فيها المؤمن عيوبه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن أحدكم مرآة أخيه ، فإن رأى به أذى فليمطه عنه" فما أجمل أن تدل أخاك على عيبه ! .
قال عمر بن الخطاب في مجلس من المهاجرين والأنصار : أرأيتم لو ترخصت في بعض الأمور فماذا تفعلون ؟ وكرر فلم يجيبوه .
فقال بشر بن سعد : لو فعلت قوَّمناك تقويم القدح ( السهم )
فقال عمر : أنتم إذن أنتم إذن .
إننا بحاجة إلى هذه المرآة الإيمانية التي نمحَّص فيها عيوبنا ونتواصى من خلالها بالحق والصبر
قال تعالى : "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" .ماذا تفعل إذا تعرضت لموقف لا يعجبك؟؟؟ إذا سمعت من شخص كلمةً نابية فلا تردّها فتصبح عشراً
وإذا هجيت بقصيدة ، فكن كأنك لم تسمع ، لأنك لو ناقضتها بقصيدة من عندك تشاغل بها الناس وحفظها الأدباء . .
وإذا كُتبت عنك مقالة لاذعة فأمتها طبخاً بالتجاهل وكأنه يقصد غيرك .
وإذا انتقدك ناقد حاقد ، فتغافل كأنه يريد بكلامه حائط الجيران .
لا يضر البحر أمسى زاخراً
أن رمى فيه غلام بحجر
قال تعالى : "وإذا ما غضبوا هم يغفرون" قال الشافعي :
من صدق في أخوة أخيه قتل علله وسد خلله وعفا عن زللـه .
قال أبو الدرداء :
إذا تغير أخوك ، وحال عما كان عليه فلا تدعه لأجل ذلك ، فإن أخاك يعوج مرة ويستقيم أخرى .
قال الحارث المحاسبي :
واعلم أن من نصحك فقد أحبك ، ومن داهنك فقد غشك ، ومن لم يقبل نصيحتك فليس بأخ لك .
قال أحد الصالحين :
وأقل الحب سلامة الصدر وأعلاه مرتبة الإيثار .
قال الحسن البصري :
إلى من يشكو المسلم إذا لم يشكِ لأخيه المسلم ؟ ، ومن الذي يلزمه من أمره مثل الذي يلزمه ، إن المسلم مرآة أخيه مبصرة عيبه ، ويغفر له ذنبه .
ليس الكريم الذي إن زلَّ صاحبه
بث الذي كان من أسراره علما
إن الكريم الذي تبقى مودته
ويحفظ السر إن صافى وإن صرما
ومن لم يغمض عينه عن صديقه
وعن بعض ما فيه يَمُتْ وهو عاتبُ
ومن يتتبع جاهداً كل عثرة
يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب
.دخل على الشافعي في مرض موته تلميذه الربيع بن سليمان فقال : قوَّى الله ضعفك يا إمام فقال الشافعي : انظر ماذا تقول ؟ .
لو قوَّى الله ضعفي لقتلني .
قال الربيع : والله ما قصدت هذا يا إمام .
قال الشافعي : والله لو شتمتني لعلمت أنك لم تقصد .
إن الصحبة الصالحة هي التي استقامت على شرع الله فإن القلب لا يستقيم إلا إذا استقام عمل العبد واستقامت أخلاقه وإرادته .
إننا بحاجة إلى هذه الصحبة المتحابة امتزاج روح بروح وتصافح قلب مع قلب
فما أحوجنا إلى هذه الصحبة .
أسال الله تعالى أن يجعلنا في الدنيا إخوة متحابين عاملين وفي الآخرة في الجنة على سرر متقابلين فإنه نعمَّ المولى ونعمَّ النصير .
الإثنين مايو 18, 2009 6:50 pm من طرف Mr .Ashraf