هيكل سليمان والبقرة الحمراء.. خرافات اليهود لهدم الأقصى
|
| |
| المسجد الأقصى قبلة المسلمين | | |
اسرعت حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة المتطرف نتنياهو من إجراءات هدم المسجد الأقصى ـ أولى القبلتين وثالث الحرمين ـ بزعم التنقيب عن هيكل سليمان والبقرة الحمراء ـ وهي الخرافات التي يروج لها اليهود لتبرير جرائمهم ضد المقدسات الإسلامية ـ حيث تعمد سلطات الاحتلال لتقويّض أساسات الأقصى ببناء الأنفاق تحته.
وكما يرى عالم الآثار المصري عبد الرحيم ريحان فإن أسطورة الهيكل المزعوم هي أكبر جريمة تزوير للتاريخ، حيث يزعم اليهود أن نبى الله سليمان بنى هيكلا كمكان لحفظ تابوت العهد، وأن هذا الهيكل يزخر بالرموز الوثنية والأساطير الخاصة بعبادة الآلهة الكنعانية ، وأن نبى الله سليمان بنى الهيكل لإله اليهود "يهوه" أو "ياهو" وهذا يعنى أن الهيكل بنى لحفظ تابوت العهد، فإذا كان قد ثبت أن تابوت العهد لا وجود له فى عهد نبي الله سليمان ، إذاً فلا حاجة لبناء الهيكل من الأصل.
ويدّعى اليهود أن نبى الله سليمان كان يعبد إلها غير الذى كان يعبده باقى الأنبياء وهو إله بنى إسرائيل ، وأنه كان من عبدة الأوثان لأنه بنى معبدا يزخر بالرموز الوثنية فإذا أثبتنا لهم أن نبى الله سليمان لم يكن كذلك ، وكان يعبد الله رب العالمين كسائر الأنبياء فهذا يعنى أيضا أنه لا حاجة لبناء هيكل ضخم كما وصفه اليهود لإله اليهود يهوه.
ووفق المصادر فإن الثابت تاريخيا أن دعم سلطات الاحتلال لهذه الأكاذيب الباطلة لا يتوقف، حيث سمحت المحكمة العليا في"إسرائيل" في 25 يوليو / تموز 2001 لحركة أمناء جبل الهيكل ، بوضع الحجر الأساس للهيكل الثالث قرب باب المغاربة في القدس القديمة ، إن وضع حجر الأساس لإعادة بناء هيكل سليمان المزعوم ولو رمزيا ، يعني ، بالعبارة المختصرة ، اقتراب موعد تدمير أساسات مسجد قبة الصخرة و المسجد الأقصى معا.
وفي عيد الأنوار اليهودي سنة 1996 اجتمعت لجنة حاخامي المستوطنين في الضفة الغربية وغزة ، وأصدرت بناء على اقتراح الحاخام حغاي يكوتئيل ، فتوى تحث الناس على الحج إلى " جبل الهيكل " ، وجاءت هذه الفتوى مفاجئة لجمهور اليهود المتدينين ، وانقلابا في موقف الحاخامين ، لأن التقليد الديني سار على منع اليهود ، ماعدا الكاهن الأكبر من زيارة " جبل الهيكل " قبل تطهيره برماد بقرة حمراء مقدسة ، وكانت الأوامر الدينية تمنع اليهود من زيارة المكان خشية وطء قدس الأقداس بالأقدام ، لأن مكان الهيكل غير معروف على وجه الدقة ، وفي قدس الأقداس يوجد تابوت العهد.
وبحسب الخبراء فقد أطلقت هذه الفتوى صافرة الإنذار بين اليهود المؤمنين ،ومع أن الكثير من اليهود يسعى إلى بناء هيكل سليمان مجددا ، إلا أن "الحر يديم" ـ أي الأصوليين ـ وإن كانوا يعتبرون إعادة البناء ذروة الخلاص اليهودي فهم لا يرغبون في هدم مسجدي الصخرة و الأقصى وبناء الهيكل فوق أنقاضهما ، بل أنهم يحرمون هذا الأمر تماما ، فهذه المهمة ، بحسب اعتقادهم ، سيقوم بها المسيح المنتظر حينما يأتي العالم ، لا البشر.
|
| |
| نموذج لهيكل سليمان حسب الزعم اليهودي | | |
ففي مستوطنة بيت شلومو توجد الآن مزرعة أبقار ، وفي هذه المزرعة معهد للتجارب ، يشرف عليه يسرائيل أريئيل ، ووظيفة هذا المعهد إجراء البحوث الوراثية التي من شأنها التوصل إلى إنتاج بقرة حمراء لاستخدام رمادها في تطهير جبل الهيكل ( منطقة الحرم القدسي ) قبل إعادة بناء الهيكل.
وفي لويزيانا بالولايات المتحدة الأميركية يجري الآن أعداد قطيع من الأبقار الحمر جاهز للنقل الفوري إلى إسرائيل جوا، وتنكب عائلة نتيف في القدس على إنتاج أدوات العبادة ، وتقوم أسرة ألفي بإعداد كسارة الحجارة التي تملكها في جنوب البلاد لإنتاج مواد بناء الهيكل من عناصر طبيعية لم تمسسها مطرقة أو أزميل ، وأنجز بعض العاملين في مصانع البحر الميت طرازا مثيرا لمذبح جبل الهيكل.
وتشير هذه الشواهد إلى نوع من الاستعداد الجدي لتدمير مسجد قبة الصخرة و المسجد الأقصى معا ، فالأمور لم تبق عند حدود النيات و التصريحات فقط ، بل تجاوزت تخومها إلى التهيئة العملية لتنفيذ هذا الشأن الخطير ، فالتنظيم السري اليهودي في الضفة الغربية يكدس كميات كبيرة من المتفجرات في الحي اليهودي في القدس استعدادا لهذه الغاية.
ويروج اليهود في مؤامراتهم الدنيئة هذه إلى خرافة تقول أن هذه المدينة بناها الملك داود ، ثم أقام الملك سليمان فيها "هيكل الرب" وهو قدس الأقداس لدى اليهود قاطبة ، لكن بعد عشرات السنين على احتلال المدينة ونحو 150 سنة على بداية التنقيب الأثري فيها ، لم يعثر أحد على أي دليل يشير إلى الهيكل أو إلى أي أثر يهودي فيها وهو ما يؤكد أن هيكل سليمان هذا مجرد أسطورة واحدة من الخرافات اليهودية الأخرى الواردة في التوراة، فحتى الآن لم يكتشف اليهود أي أثر لهذا الهيكل الأسطوري، وبالطبع فلن يكتشفوه أبدا.
روايات متعددة
ووفق موسوعة ويكبيديا فإن هيكل سليمان حسب التسمية المسيحية أو "بيت همقداش" "بيت المقدس" أو "المعبد" حسب التسمية اليهودية، كان معبدا يهوديا أقيم في القرن الـ10 قبل الميلاد ثم خرب في بداية القرن ال6 ق.م. وأعيد بناؤه في نهاية هذا القرن، أما في عام 70 ميلاديا فخرب نهائيا.
وهناك معلومات كثيرة عن المعبد في أواخر أيامه في الكتب الدينية اليهودية الأخرى مثل المشناه والتلمود، وهناك أوصاف مفصلة لشكل المعبد وطريقة العبادة فيه كما كانت في القرن الأول للميلاد ما يسمى بـ"الهيكل الثاني" أو "هيكل هيرودس" في مؤلفات المؤرخ اليهودي الروماني يوسيفوس فلافيوس، وخاصة في مؤلفته "حروب اليهود" التي تسرد سلسلة الأحداث التي أدت إلى التمرد اليهودي على الرومان وأحداث التمرد.
|
| |
| المتطرفون اليهود يدنسون الأقصى | | |
كذلك توجد بعض الدلائل الأثرية التي تدعم أوصاف يوسيفوس فلافيوس مثل حجرتين تحملان نقوشاً باللغة اليونانية تم العثور عليها في حفريات قرب الحرم القدسي (توجد إحداهما في متحف إسطنبول الأثري والأخرى في متحف روكفلر بالقدس)، والتي تحذر الرواد غير اليهود ألا يدخلوا في المكان المقدس، وبوابة تيتوس في روما المنقوش عليها صورة مسيرة جنود رومانيين يحمل كنوز الهيكل بعد انتصارهم على اليهود المتمردين عليهم في القدس وتدميرهم للهيكل.
أما بنسبة لأول أيام الهيكل فلا توجد من غير الكتاب المقدس إلا دلائل أثرية وتاريخية غير مباشرة تذكر الملوك اليهوذيين في أورشليم (القدس) عدد من وزراءهم وكهنتهم، بالأسماء المذكورة أيضا في الكتاب المقدس، كمن عبدوا الرب في الهيكل، ولكن دون ذكر الهيكل نفسه.
من تحليل المصادر التاريخية والأثرية يفترض معظم العلماء أن المعبد وقف في الحرم القدسي الشريف أو بجواره. أما حاخامات اليهود فيقبل أكثريتهم هذا الافتراض ويعتبرون الحرم القدسي الشريف محظورا على اليهود لقدسيته، إذ لا يمكن في عصرنا أداء طقوس الطهارة المفروضة على اليهود قبل الدخول في مكان الهيكل حسب الشريعة اليهودية. مع ذلك، فيوجد عدد من الحاخامين الذين يسمح بزيارة الحرم القدسي، وكذلك يزوره يهود علمانيين.
وحسب ما يرد في الكتاب المقدس (سفر الملوك الأول إصحاح 5-6) بناه الملك سليمان (النبي سليمان في الإسلام) إتماماً لعمل أبيه الملك داود (نبي داود في الإسلام) بأمر من الله. وكان داود هو الذي نقل تابوت العهد والأحجار المنقوش عليها شريعة موسى إلى مدينة أورشليم بعد احتلالها من اليبوسيين.
أما سليمان فبنى الهيكل في أورشليم ووضع فيه التابوت والأحجار وجعل المكان معبدا للرب. ويذكر سفر الملوك الأول (الأصحاح 6-9) أن بناء الهيكل استمر 16 عاما (من السنة الرابعة بعد توليه العرش وحتى السنة ال20) وأنه تم بالاستعانة بملك صيدا الفنيقي الذي باعه الأخشاب وأرسل إليه كبار صناعه.
وطبقاً لما ذكرته المصادر التاريخية، فقد تم بناء الهيكل وهدمه ثلاث مرات، فقد تم تدمير مدينة القدس والهيكل عام 587 ق.م على يد نبوخذ نصر ملك بابل وسُبى أكثر سكانها، وأعيد بناء الهيكل حوالي 520-515 ق.م وهُدم الهيكل للمرة الثانية خلال حكم المكدونيين على يد الملك أنطيوخوس الرابع بعد قمع الفتنة التي قام بها اليهود عام 170ق.م، وأعيد بناه الهيكل مرة ثالثة على يد هيرودوس الذي أصبح ملكاً على اليهود عام 40 ق.م بمساعدة الرومان، وهدم الهيكل للمرة الثالثة على يد الرومان عام 70م ودمروا القدس بأسرها.
|
| |
| حفر الأنفاق أسفل المسجد الأقصى | | |
وبعد الفتح الإسلامي بُني مسجد قبة الصخرة في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان ، الأمر الذي لا يقبله اليهود لأنهم لا يؤمنون بالإسلام كديانة منزلة من الله، بقى المسجد الأقصى على حاله التي هي عليه الآن ، حتى بعد قيام دولة إسرائيل التي تسعى لبناء هيكل سليمان أو الهيكل الثالث على جبل الهيكل أو الحرم الشريف، و فقامت بعدة محاولات هدفها استرجاع الحق بهدم المسجد الأقصى و إقامة الهيكل الثالث مكانه و ما زال الخلاف قائم بين المسلمين واليهود.
وحسبما يرى الكاتب الصحفي عبد الباري عطوان ـ رئيس تحرير صحيفة القدس العربي اللندنية ـ فإن هذه الجريمة التي باتت أقرب إلى التبلور باتت مسألة وقت، فمن آن لآخر تزج قوات الكيان الصهيوني بقطعان من المتطرفين اليهود إلى باحة المسجد كمحاولة لجس النبض المحلي والعربي والدولي و لجعل هذه الاقتحامات طبيعية يتقبلها الفلسطينيون كأمر واقع، تماما مثلما فرضوا التطبيع والمستوطنات والمفاوضات العبثية، والسلام الاقتصادي.
المصدر
الأحد أكتوبر 11, 2009 7:11 am من طرف Rewayda